القسطل قرية عربية تقع على مبعدة عشرة كيلومترات إلى الغرب من مدينة القدس،وتشرف على طريق القدس يافا الرئيسية المعبدة من الجهة الجنوبية الغربية كانت الوظيفة العسكرية أهم وظائف القرية لتميز موضعها بسهولة الحماية والدفاع،ومن هنا فقد سعى الصهاينة لاحتلالها في إطار خطتهم لفتح الطريق إلى القدس ،وهي الخطة المعروفة باسم خطة (نحشون) .
حتى آذار من عام ثمانية وأربعين كان الموقف العسكري في فلسطين يميل لصالح العرب ،الذين حققوا انتصارا ساحقا على الصهاينة في معركتين كبيرتين في منطقة القدس ،خلال آذار ،الأولى معركة شعفاط والثانية معركة الدهيشة.
حيث أدت المعركتان إلى تشديد الحصار على الصهاينة في القدس ،وانقطع اتصالهم تماما مع تل أبيب ،بسيطرة المجاهدين على كافة طرق القدس .
انصبت كل جهود الصهاينة على فتح طريق إلى القدس قبل أن ينتهي البريطانيون انتدابهم في فلسطين ،لتحقيق مكاسب على الأرض من ناحية ،والإفادة من الدعم البريطاني من ناحية ثانية ولمنع استسلام المحاصرين في مستوطنات القدس من ناحية ثالثة .
خصص الصهاينة خمسة آلاف من أفراد الهاغاناه والبالماخ والأرغون وشتيرن لتنفيذ الخطة ،وسلح هؤلاء بأسلحة حديثة وصلت للصهاينة من تشيكوسلوفاكيا .
حدد الصهاينة الموعد الأول للهجوم في مطالع أيار ،ثم وصلت معلومات إلى قيادة قوات الجهاد المقدس بأنه قد جرى تقديم الموعد إلىنيسان ،لذلك عقد كامل عريقات اجتماعا طارئا مع الشيخ حسن سلامة ،قائد الجهاد المقدس في يافا، ووضعا خطة لمجابهة الهجوم الصهيوني ،ثم عقد عريقات اجتماعا مع قادة جبهة القدس ،وهم إبراهيم أبو دية ،رشيد عريقات ،عبد الحليم الجيلاني ، بهجت أبو غربية ،خليل منون ،وفوزي القطب وغيرهم .
قرر المجتمعون بغياب عبد القادر الحسيني ،حشد كل قوات الجهاد في المنطقة،وتعزيزها بشباب القرى المسلحين ،ووزعوهم بسرعة فائقة ليلة الأول من نيسان على مراكز باب الواد دير محيسن ،وساريس والقسطل .
كما حشدوا قوات أخرى لصد أي هجوم يهودي بالالتفاف على القدس عن طريق بيت لحم ،بدأ الصهاينة هجومهم يوم الثاني من نيسان ،بعد أن قسموا قواتهم إلى قسيمن ،قسم اتجه نحو منطقة دير محيسن ،وقسم إلى ممر باب الواد لاقتحامه والاستيلاء على القسطل.
تمكن الشيخ حسن سلامة من استيعاب الهجوم الصهيوني في دير محيسن ،ورد الصهاينة على أعقابهم وبينما كان يستعد للتوجه إلى القسطل لإسناد المجاهدين هناك ،تجدد الهجوم على منطقته واستمرت المعركة حتى منتصف الليل وانتصر فيها المجاهدون .
استطاع القسم الثاني من المهاجمين الصهاينة وهو الأكبر اقتحام ممر باب الواد في معركة عنيفة مع المجاهدين ودخل الصهاينة القرية في منتصف الليل بعد أن تغلبوا على حاميتها المكونة من خمسين مجاهدا نفذت ذخيرتهم.
كانت قيادة الجهاد المقدس تعرف أهمية القسطل فانطلقت عشرات النجدات من القدس والخليل لطرد الصهاينة من القرية ،وفجر الرابع من نيسان تمكن المجاهدون بقيادة كامل عريقات من احتلال مشارف القرية ،ثم محاصرتها ،ومع وصول نجدات جديدة يوم الخامس من نيسان ،شدد المجاهدون هجومهم ،وأطبقوا الحصار على الصهاينة ،لكنهم افتقدوا الذخيرة الكافية لدحر المحتلين أو القضاء عليهم .
تدخلت مدفعية الصهاينة في محاولة لرد المجاهدين ،لكنهم مع ذلك استطاعوا التغلغل في القرية ،وأصبحوا على بعد مائتي متر من وسطها ،لكن إصابة كامل عريقات وذهاب إبراهيم أبو دية إلى إسعافه خلخل صفوف المجاهدين ،ووصلت نجدات للصهاينة ،كما وصلت نجدات للمجاهدين من القدس ،تمكنوا معها من الاحتفاظ بمشارف القرية من الجهات الشرقية والشمالية والجنوبية ،رغم تدخل الطائرات والمدفعية الصهيونية بعنف شديد ،بل وقام إبراهيم أبو دية بقيادة المجاهدين في عمليات اقتحام داخل القرية حيث فجر عددا من مواقع المحتلين .
صباح السابع من نيسان وصل عبد القادر الحسيني من دمشق ،وبعد ظهر اليوم نفسه توجه إلى قيادة معركة القسطل التي أخذت طابعا أخر مع وصوله .