آه يا سيبويه .. في زماننا صارت الأفعال معتلة، والضمائر مستترة، والأسماء منقوصة .
تعودنا يا شيخ العربية وأستاذ النحو على الخفض فلم نعد نعرف الرفع أو البناء، رضينا بالسكون حين نصبنا عدونا على مشانق الذلة والاستعباد،
أصبحت الأمة نكرة لا تفيد فلا يبتدأ بها، وصارت أمتنا إذا اصطفت مع أعداءها كاللقب مع الإسم فلا يتقدم عليه، وصارت في باب النداء نكرة غير مقصودة، وعدوها هو المفرد العلم .
قالت النحاة ضرب زيدٌ عمراً، فصار عدوناً زيداً الضارب وصرنا عمراً المضروب، وكان الضرب مبرحاً فصرنا جملاً لا محل لها من الإعراب .
منعنا من الصرف لا للعلمية ووزن الفعل بل للعجمة والتأنيث، دخل على الأمة حروف العلة، وأدوات النصب، وحروف الجر، فتجردت عن عوامل الرفع والبناء .
ألفنا جمع التكسير فما عرفنا الجمع المذكر السالم ولا منتهى الجموع، صار جُل كلامنا صيغ مبالغة، وأفعال مقاربة، وصيغ تعجب، فساء الحال، وحلَّ التنازع .
صار بعض أبناء أمتنا لعدونا كنائب الفاعل ،بل هم توابع له، ومضافاً إليه، فلعب عدونا بأمتنا لعب الأسماء بالأفعال، و صارت أفعال جامدة، فأصبحنا فضلات يستغنى عنها في الكلام .
انقطعت صلتنا بماضينا العريق، فصرنا مبتدأ بلا خبر، وموصولاً بلا صلة، وغدونا بين الأمم مفاعيل وأحوالاً. أردنا أن نبدأ كما بدأ أسلافنا فدخلت علينا نواسخ الابتداء .نفخر بالفعل الماضي وأما عدونا فلا يعرف إلا فعل الأمر، أكثرنا من النعت، وأكثر عدونا من التوكيد وأفعل التفضيل .
نريد أيها النحاة الغيورون الجزم والاشتغال والبناء والرفع وسلامة الجمع وأفعالاً متصرفة ونزع الخافض وتقديم العامل .
مع تحياتي